رغم أن طاجيكستان قطعت خطواتٍ كبيرةٍ في التعافي من آثار انهيار الاتحاد السوفيتي والحرب الأهلية التي أعقبت ذلك، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات بسبب قلة التمويل، ومحدودية القدرة على إدارة قطاع الصحة، فضلاً عن نقص الكفاءات لتحسين جودة تقديم الرعاية.
انخفض عدد العاملين في مجال الصحة بشكل ملحوظ منذ الاستقلال، وساهمت محدودية التمويل لقطاع الصحة بوقف فرص التعليم الطبي المستمر للمهنيين أثناء الخدمة، ما أدى إلى إتّباع الممارسات السريرية القديمة وغير الفعّالة، وقد تفاقم ذلك بسبب اختلال التوازن الجغرافي في موارد الرعاية الصحية والتمويل، ما ساهم في ضعف النتائج المتعلقة بصحة الأمهات والمواليد والأطفال في المناطق الريفية. وأدى ظهور فيروس كورونا المستجد في أوائل عام 2020 إلى مزيد من الضغوط على النظام الصحي في طاجيكستان.
تهدف مؤسسة الآغا خان ومؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية إلى تمكين الأفراد والمجتمعات من تحسين صحتهم ورفاهيتهم للوصول إلى إمكاناتهم الكاملة من خلال مجموعة متكاملة من التدخلات في المجتمعات والمدارس والمرافق والأنظمة الصحية.
على مدى السنوات الست الماضية، حصل 650 ألف شخص على خدمات الرعاية الصحية الأولية المحسّنة، والتي قدمها أكثر من 1000 طبيب وممرض، فضلاً عن بناء أو إعادة تأهيل وتجهيز 292 من مرافق الرعاية الصحية الأولية.
نفذت مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية مجموعة واسعة من التدخلات في مجال تعزيز الصحة، وإعادة تأهيل المرافق وتجهيزها وشراء الأدوية، إضافةً إلى الاهتمام بعمليات التوزيع والمبيعات، وإجراء التدريبات على الممارسات السريرية والإدارية الجديدة بدعم من مؤسسة الآغا خان والوكالات المانحة الدولية، فضلاً عن المشاركة النشطة للمجتمعات المحلية وبالشراكة مع وزارات الصحة في إقليم غورنو باداخشان وراشت وخاتلون.
تتضمن تدخلات المشروع الجديد الاهتمام بتنمية الطفل، وهي تركّز على تطوير الوظائف الجسدية والمعرفية والعاطفية والاجتماعية عند الأطفال دون سن الثالثة. وتقوم مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية باستخدام مرافق الصحة الإلكترونية لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية ذات الجودة العالية عبر التغلب على حواجز المسافات والزمن.
تساهم الصحة الإلكترونية بالجمع بين مقدمي الخدمات من عدة مؤسسات بهدف تقديم الرعاية الصحية المنسّقة للعملاء، فضلاً عن تمكين المهنيين في مجال الصحة، ممن يعملون في المرافق النائية، من تحقيق التطوير المهني المستمر والخضوع للتدريبات الضرورية.
مشروع الصحة العابر للحدود
يهدف مشروع الصحة العابر للحدود إلى تحسين جودة الرعاية الصحية في المجتمعات على جانبي الحدود الأفغانية والطاجيكية. ويُظهر المشروع التابع لشبكة الآغا خان للتنمية، الذي بدأ في عام 2010، أنه من الممكن علاج المرضى الذين يعانون من حالات حرجة من منطقة باداخشان الأفغانية في المستشفيات الطاجيكية، إلى جانب قيام المهنيين في مجال الصحة في طاجيكستان بتوفير وتقديم الرعاية الصحية في أفغانستان، فضلاً عن ضرورة قيام صانعي السياسات من كلا البلدين بجولات دراسية عبر الحدود لمراقبة أنظمة الرعاية الصحية الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد المنشورات العديدة، فضلاً عن المناقشات الجماعية والمقابلات المتعمّقة التي أُجريت مع المهنيين في مجال الصحة والمرضى وسلطات الحدود وصانعي السياسات أنه من الممكن تحقيق الرعاية الصحية العابرة للحدود.
تقدم مؤسسة الآغا خان ومؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية الدعم للمعلمين والطلاب.
تتعاون مؤسسة الآغا خان ومؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية مع أخصائيي الرعاية الصحية الأولية وأكثر من 1600 من مروّجي الصحة المجتمعية من أجل تحسين الصحة المجتمعية، مع التركيز على كسر حلقة التقزّم بين الأجيال عبر القيام بتدخلات مكثّفة في مجال الغذاء.
تعزز مؤسسة الآغا خان ومؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية من أنظمة التطوير المهني المستمر عند أخصائيي الرعاية الصحية. ومن خلال برنامج التميّز السريري، تعزز المؤسسة اعتماد أفضل الممارسات السريرية وتشجّع تقديم أفضل الخدمات في مجال طب الأُسرة، مع التركيز على عملية تحسين الجودة، التي تسعى لتحسين الرعاية المُقدمة للمرضى والحصول على أفضل النتائج لضمان القيام بالممارسات المستنيرة بالأدلة، والتي تراعي جميع أشكال الأدلة البحثية.
وفي الوقت نفسه، يعمل نموذج التمويل الصحي المجتمعي ذو التكلفة المنخفضة التابع لمؤسسة الآغا خان ومؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية على تعزيز تقديم الرعاية الصحية بشكلٍ شاملٍ من خلال حشد الموارد الحالية وهياكل الحوكمة، مع الاعتماد على المساعدات الخارجية.
تَمكّن 220 مشروعاً في خمس مقاطعات من جمع 1.9 مليون "ساماني طاجيكي"، الأمر الذي يضمن توفير الأموال على الفور لحوالي 70200 شخص في أوقات الحاجة الماسة.
تعمل مؤسسة الآغا خان مع المجتمعات والشباب لحشد ودعم المؤثِّرين وأصحاب النفوذ لزيادة مساهماتهم في الاهتمام بصحة المراهقين ورفاهيتهم. ويشمل ذلك زيادة وصول الشباب إلى الخدمات الأساسية وشبكات الدعم، وبالتالي تحسين وتسهيل انتقالهم من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة وصولاً لمرحلة البلوغ.
تتعاون مؤسسة الآغا خان ومؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية مع المجتمعات المحلية لضمان الحصول على مياه الشرب الآمنة، وتمديد شبكات الصرف الصحي إلى جانب تحسين ممارسات النظافة. ساعد بناء 176 نظام لمياه الشرب على توفير المياه الصالحة للشرب لـ 140 ألف شخص من أفراد المجتمع في المناطق الريفية، ما ساهم في الوقاية من الأمراض المنقولة بالمياه والمرتبطة بها، فضلاً عن التقليل من الأعباء على النساء والأطفال والمراهقين في جلب المياه.
اعتادت قربونبي أشوروفا، أم لتسعة أطفال في كولوب، على المسير لمسافة طويلة تمتد لحوالي الساعتين باتجاه نهر ياخسو من أجل جلب المياه، وتقول: "يزداد الوضع سوءاً في الشتاء، حيث نواجه الكثير من الصعوبات لجلب المياه من النهر. كنت أشعر بقلقٍ كبيرٍ على سلامة أطفالي الصغار أثناء جلب المياه في فصل الشتاء، فقد كانوا يمرضون وينقطعون عن المدرسة، وقد اجتمعنا مع كافة الجيران وفكّرنا لعدة سنوات حول كيفية إيجاد حل لمشكلة المياه التي نعاني منها".
تم تركيب أنظمةٍ لتوفير المياه الصالحة للشرب بالقرب من منزلها، ما أدى إلى التخفيف من أعباء جلب المياه بالنسبة لـ قربونبي. إضافةً لذلك، مكّنتها تلك الأنظمة من بناء حمام داخل منزلها، ما سهّل عليها القيام بالأعمال المنزلية اليومية. لم يعد يتوجب عليها القلق بشأن جلب أطفالها للمياه من النهر، فقد وفّرت الكثير من الوقت، وخصصته للاهتمام بأطفالها وتنميتهم.