اتسمت العديد من الطرق، التي جرى تطويرها لإنشاء مجتمع مدني قوي والمحافظة عليه، بالريادة في باكستان، وينطبق ذلك على "المنظمات القروية" التي أُنشئت أول مرة في إطار برنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية. يعمل برنامج المجتمع المدني التابع لشبكة الآغا خان للتنمية في الآونة الأخيرة على مساعدة منظمات المجتمع المدني - المحددة على نطاق واسع - على أن تصبح أكثر كفاءة وفعالية.
يتضمن البرنامج في باكستان عدة مكونات:
• إنشاء خط أساس سليم للمعلومات عن قطاع المجتمع المدني: حيث تتيح خطوط الأساس تلك قياس التأثير والتقدم المحرز الذي يحققه البرنامج مع مرور الوقت.
• تعزيز الأخلاقيات والنزاهة بين وكالات التنمية: مع الجهود المبذولة للحد من الفقر، غالباً ما يتم إحباط عمليات تعزيز المجتمع المدني والتنمية بشكل عام بسبب انتشار الفساد على نطاق واسع، نظراً لانتهاج الأساليب البيروقراطية الراسخة مع وجود هياكل تجارية وقيادية خاصة غير خاضعة لعقود ونماذج اجتماعية متفق عليها بشكل متبادل، الأمر الذي يدفع للعمل إلى تطوير تلك الهياكل لاستباق مخاطر الفساد، وتحديد المشاكل عند حدوثها، وإدخال تدابير تصحيحية.
• تعزيز التعاون القوي والفعال بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني: في الوقت الذي تبشر فيه الشراكات بين القطاعين العام والخاص بالخير من ناحية زيادة تأثير مبادرات التنمية، تتمثل العوائق أمام هذا التحسن بوجه عام في النظرة غير المواتية لدى الحكومات من منظمات المجتمع المدني (خاصة المنظمات غير الحكومية)، وذلك استناداً إلى مجموعة من التصورات، ومن ضمنها شرعية حقهم في الوجود ونزاهتهم وحكمهم ووطنيتهم، والمزايا الشخصية المفرطة. حيث لا يدرك العديد من المسؤولين الحكوميين ما تقوم به منظمات المجتمع المدني أو المساهمات القيّمة التي يقدمونها (أو قد يقدمونها) في جدول أعمال التنمية. يتم التخطيط لأنشطة مختلفة لمعالجة هذين العنصرين وخلق جو مواتٍ للتعاون.
• تعزيز التعاون القوي والفعال بين قطاع الأعمال ومنظمات المجتمع المدني: يهتم العديد من المختصين في القطاع التجاري في البلدان النامية بالمبادرات المتعلقة بالمسؤوليات الاجتماعية، غير أنهم ليسوا واضحين بشأن ما يمكنهم القيام به. يمكن لشبكة الآغا خان للتنمية، التي تدير شركات المشروع مثل الشركات ومنظمات المجتمع المدني، أن تحدد أوجه التوافق وتلعب دور "الوسيط" بين هذه القطاعات الاستقطابية في كثير من الأحيان.
أُنشئ مركز باكستان للأعمال الخيرية نتيجة البحث الذي قامت مؤسسة الآغا خان بإجرائه عام 2000، وذلك في أعقاب مؤتمر العمل الخيري للسكان الأصليين (الذي عُقد في إسلام أباد في 21 أكتوبر 2000) بهدف التركيز على الأعمال الخيرية للسكان الأصليين. أظهر البحث أن النشاط الخيري للسكان الأصليين يولّد ما يصل إلى خمسة أضعاف المال مقارنةً مع المعونة أجنبية، ورغم ذلك ينظر العديد من المسؤولين في الحكومة ومن العامة إلى منظمات المجتمع المدني وهم يطرحون التساؤل فيما إذا كانت تلك المنظمات فعالةً أم لا.
وقد أشار البنك الدولي، عام 2005، إلى مركز باكستان للأعمال الخيرية كنموذج: "يعتبر برنامج شهادة المنظمات غير الربحية التابع لمركز باكستان للأعمال الخيرية الأول من نوعه في منطقة جنوب آسيا، رغم أنه يقوم على مبادرات مماثلة في أماكن أخرى، خاصةً في الفلبين. ويتمثل الهدف في مساعدة المنظمات غير الربحية على تنويع قاعدة مواردها وتوسيع برامجها مع إظهار التزامها في الوقت نفسه بأفضل الممارسات في الحوكمة والإدارة".
تعتبر الشهادة بمثابة علامة على "التدبير الإداري الجيد" للمنظمات التي تلبي معايير محددة من الفاعلية التنظيمية، وذلك بناءً على تقييم مستقل لحوكمتها والإدارة المالية وتنفيذ البرامج. يقضي موظفو برنامج مركز باكستان للأعمال الخيرية ما بين أسبوعين إلى ثلاثة في مراجعة وثائق أي منظمة غير حكومية، فضلاً عن فحص عملياتها، وذلك قبل اتخاذ قرار بالـ "توصية من عدمها" إلى لجنة إصدار الشهادات المكونة من غالبية ممثلي القطاع الخاص، إضافةً إلى اثنين من المسؤولين الحكوميين.
تعتبر العملية طوعية ولا تخضع لسيطرة أي وزارة حكومية، وبالنسبة للمنظمات التي لم تتأهل في المرة الأولى، ولكنها ترغب في المحاولة مرة أخرى، يتم تقديم المساعدة لها لإنشاء وتنفيذ خطة ترمي لإحراز تقدم.
"تلقى الشهادة الاعتراف من السلطات، فضلاً عن حصول المنظمات غير الحكومية (غير الربحية) المعتمدة على إعفاء ضريبي من المجلس المركزي للإيرادات، وهو أمر يجب تجديده كل عامين. في حين تهدف عملية إصدار الشهادات في المقام الأول إلى تحسين أداء المنظمات غير الحكومية وشفافيتها، حتى يتمكن المانحون من الحكم بشكل أفضل على المنظمات غير الحكومية التي يمكن الاعتماد عليها، ويكون لها أثر إضافي يتمثل في زيادة مصداقية المنظمات غير الحكومية بشكل عام، وبالتالي تحسين سمعة قطاع المنظمات غير الحكومية. ورغم أن العملية بدأت فقط عام 2005 وهي طوعية بالكامل، إلا أنها جذبت بالفعل المنظمات غير الحكومية الأفضل لأن لا أحد يرغب بالتخلف عن الركب".