بدأ برنامج التنمية الريفية في سوريا عام 2003 بالعمل مع المجتمعات المحلية التي تعتمد على الزراعة لحل مشكلة نقص المياه المستمرة. وكان تحسين إنتاجية المياه وكفاءتها من خلال تكنولوجيا الري الحديثة، إضافة إلى التنويع الزراعي وتحسين التقنيات أساس نجاح مؤسسة الآغا خان في هذا المجال.
أدت الموارد المائية المحدودة في بعض المناطق السورية، إضافة إلى الضخ الزائد وسوء الإدارة لتفاقم مشكلة نقص المياه. ولمعالجة هذه المشاكل المزمنة، عمل برنامج التنمية الريفية التابع لمؤسسة الآغا خان مع المزارعين والمجتمعات المحلية على تطوير أساليب أكثر كفاءة في الإنتاج الزراعي.
وقبل الوضع الحالي الذي تشهده البلاد، عملت مؤسسة الآغا خان مع المجتمعات المحلية التي تعتمد على الزراعة لمعالجة مشكلة نقص المياه المستمرة وعدم انتظام سقوط الأمطار.
وقد انخفضت نسبة الأراضي الزراعية المروية من 40.000 هكتار عام 1960 إلى 9.000 هكتار تقريباً عام 2007. ومن بين 5.000 بئر مياه جوفية تم إحصاؤها عام 2003، جفّ ما يقرب من 3.500 بئر.
ونظراً للترابط بين الفقر ونقص الموارد الطبيعية، سعت مؤسسة الآغا خان إلى تحسين سبل العيش باستخدام الموارد المتاحة بكفاءة أكبر دون فرض ضغوط غير ضرورية على البيئة الطبيعية.
وفي إطار تركيزها على إدارة المياه على مستوى المزرعة الواحدة، سهّلت مؤسسة الآغا خان الوصول إلى تكنولوجيا الري الحديثة والمحسّنة، وسدت الفجوة بين مراكز البحوث الوطنية وصغار المزارعين في إيصال بذور الشعير والقمح المتحمِّل للجفاف، كما أظهرت أهمية وفوائد تقنيات جلب المياه، إضافة إلى شروعها في إجراء أبحاث حول الأنماط المحصولية المثلى التي تعمل على زيادة الإنتاج (والإيرادات) إلى الحد الأقصى لكل وحدة من المياه المستخدمة.
وتمثّل الهدف الأسمى في هذا السياق الترويج لأنظمة استخدام الأراضي ذات الأسس البيئية المرغوبة، والتي تعزز توفير خيارات للإنتاج وفرص زيادة سبل العيش.
وبالتوازي مع الجهود المبذولة لتحديث أنظمة الري، دعمت مؤسسة الآغا خان تبني هذه التقنيات الجديدة والممارسات الزراعية المحسّنة، من خلال توفير قروض بأسعار معقولة وسهلة المنال (جماعية/ فردية)، فضلاً عن تقديم الدعم الفني في المزرعة.
وتم تسليم قروض لأكثر من 100 مجموعة في الفترة الممتدة بين عامي 2003 و2009، إضافةً إلى بعض القروض الفردية لتمويل شراء البنية التحتية الحديثة. وتم تقديم هذه القروض من خلال إشراك مؤسسة التمويل الصغير الأولى، وهي إحدى وكالات شبكة الآغا خان للتنمية، حيث تم سداد 98% من جميع القروض في الموسم الأول.
وفي الوقت نفسه، استبدل المزارعون، الذين لديهم قدرة محدودة بالحصول على مياه كافية للري، زراعة الشعير والقمح بزراعات أخرى.
وتعتبر زراعة الزيتون وإنتاج الدواجن، واللتان تتطلبان كميات أقل من المياه مقارنة مع محاصيل الحبوب والخضروات، مجالين بدأ يركز عليهما المزارعون.
بالنسبة للزيتون، سهلت مؤسسة الآغا خان إنشاء أول جمعية خاصة لمزارعي الزيتون في سوريا، كما قدمت دعماً تقنياً للجمعية التعاونية وحاولت تحديد الأسواق المحتملة لزيت الزيتون البكر عالي الجودة الذي ينتجه أعضاء الجمعية.
وفيما يتعلق بالدواجن، ركزت مؤسسة الآغا خان على ترويج أفضل الممارسات في إجراءات الأمن الحيوي، وأنظمة مراقبة الأمراض، إضافة إلى خدمات الإرشاد من أجل خفض معدل الوفيات المرتفع داخل هذا القطاع. كما قامت بتشغيل مختبر تشخيص طبي بيطري خاص مقابل أجر، وهو الأول من نوعه في سوريا، وأول مختبر مرخص له في المديرية الوطنية للصحة الحيوانية.
ورغم انخفاض مساحة الأراضي المروية، وزيادة وتيرة زراعة الزيتون وإنتاج الدواجن، فإن أصول الثروة الحيوانية (الأغنام في المقام الأول) ما زالت تلعب دوراً مهماً في تأمين سبل العيش، مما دفع مؤسسة الآغا خان لإدخال حصص التغذية الجديدة والمحسّنة وأساليب الفطام، لِتُكمل بذلك استراتيجية محلية طويلة الأجل لإدخال سلالات جديدة وتزيد أعداد القطيع.