يعمل برنامج دعم الريف الساحلي في كينيا في المناطق الريفية شبه القاحلة والمهمشة في المقاطعة الساحلية منذ عام 1997، وتوسّع نشاطه خلال العقد الماضي عبر تعاونه مع أربع منظمات قروية تضم نحو 300 عضو من أعضاء المجتمع بهدف العمل مع 195 منظمة قروية تضم ما يزيد عن 30000 عضو. ولقد ساعد إدخال الأحواض الزراعية الصغيرة - التي وفرت للسكان المستهدفين (البالغ عددهم 130000) المياه للاستخدامات المنزلية والإنتاجية - في زيادة الإنتاج الزراعي والدخل لغالبية الأسر، رغم الفقر المتزايد في المقاطعة الساحلية.
تعتبر العديد من مناطق مقاطعة كوست في كينيا من أفقر مناطق البلاد، حيث يعيش نحو 70 – 80% من السكان تحت خط الفقر، وغالباً لا تصل الخدمات الحكومية إليهم، وتترك مناطقهم دون مياه شرب نظيفة، مع بنيةٍ تحتيةٍ ضعيفة في القرى، حيث يصعب الحصول على التعليم الأساسي والرعاية الصحية. إضافةً لكل ذلك يترك السكان هناك مع ظروفٍ جغرافية ومناخيةٍ قاسية في مواجهة الجفاف، معتمدين في بقائهم على الموارد الطبيعية المتدهورة.
وقد قام برنامج دعم الريف الساحلي لأجل دعم برنامج الرعاية الصحية الأولية في مومباسا بعدة تدخلات، تمثّلت في تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما ساهم في تحقيق تنمية دائمة وعادلة انعكست على سبل عيش الأسر ذات الدخل المحدود في المقاطعة الساحلية.
يُذكر أن المستفيدين من الدعم الذي يقدمه برنامج دعم الريف الساحلي يطلقون على أنفسهم تسمية "سومبيزا" ("ميجيكيندا" التي تعني الدافع أو الزخم لمن يرغب بتحسين وضعه)، حيث تنظر المجتمعات إلى ذلك البرنامج على أنه الداعم الحقيقي لتحسين سبل معيشتها.
يهدف دعم الريف الساحلي إلى تحسين سبل عيش الأسر ذات الدخل المحدود في مناطق المقاطعة الساحلية، كينانغو وكيليفي وكالوليني، من خلال:
• تعزيز دور المنظمات والمؤسسات على المستوى المجتمعي للمشاركة وبفعالية في المنظمات الحكومية (المركزية/ المحلية) وغير الحكومية، والانخراط بها لتقديم الخدمات وإرساء الديمقراطية والحكم.
• زيادة توافر المياه النظيفة للاستخدام الزراعي، إضافة إلى تحسين الوضع الصحي وسبل العيش.
• زيادة فرص الحصول على التعليم الأساسي الجيد للأطفال المهمشين.
• تعزيز إنتاج المعرفة وإدارتها ونشرها، الأمر الذي يشجع المنظمات الأخرى على اتباع نهج برنامج دعم الريف الساحلي للتخفيف من حدة الفقر.
التنظيم الاجتماعي
ينظر برنامج دعم الريف الساحلي بعمق إلى فكرة أن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ يُمثل الوحدة المركزية التي تتحقق فيها اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ العادلة واﻟﻤﺴتدامة، لذلك يعمل عبر قطاعاته الأربعة على إنشاء علاقات وشراكات على مستوى المجتمع، مع منظمات مجتمعية تُدعى منظمات التنمية القروية.
توفر منظمات التنمية القروية لأعضاء المجتمعات المحلية منتديات وأدوات لمناقشة ورسم وتنفيذ الخطط المتعلقة بمستقبل قراهم، ورغم وجود لجانٍ في معظم القرى تكون مسؤولة عن اتخاذ القرارات، إلا أنها غالباً لا تلقى الاعتراف من الآخرين كمنظمات رسمية لديها القدرة على التفاعل مع الحكومة، ما يعني أن يكون صوتها خافتاً، إلى جانب أن هيكلية صنع القرار في الحكومة يعطي الأولوية للاهتمام بالمستوى التنظيمي عوضاً عن المستوى المجتمعي، لذا تبقى القرى عاجزة عن التعبير عن مخاوفها بشأن تنميتها.
وبهدف تشكيل منظمات فاعلة تتعاون وتتفاعل مع المسؤولين الحكوميين إلى ما يتجاوز مستوى الأقسام، يقوم برنامج دعم الريف الساحلي بإنشاء روابط بين منظمات التنمية القروية في المقاطعات نفسها، لذا تكون هذه المنظمات الفاعلة قادرة على إثبات الكفاءة في الإدارة والقيادة وتنظيم المشاريع. وتتمثل إحدى النتائج الرئيسية لعملية التنظيم الاجتماعي في إضفاء الطابع المؤسساتي على عملية التخطيط المجتمعية، حيث تقوم القرى بإعداد خطط تنمية مجتمعية تمكّنها من التقدم إلى الإدارات الحكومية أو المنظمات الأخرى من أجل الحصول على التخطيط ودعم التمويل.
المشروع
تشمل أنشطة مشروع البرنامج أربعة عناصر رئيسية: تربية النحل، إنتاج الدواجن، تربية الماعز، والتدريب المهني. ويُسهم كل نشاط منها في إشراك الأسر ذات الدخل المحدود في الدخول في مشاريع صغيرة تهدف إلى توليد الدخل وتحسين سبل العيش. يبدأ العمل بالنشاط عندما تحدد المجتمعات ما تمتلكه من موارد، فيتم اختيار مشروع صغير، ويدرس ما يتطلبه من وقت لتنفيذه وإدارته، وعلى ضوء ذلك يتم بشكل نهائي تحديد المشروع الذي يرغبون بالقيام به.
تربية النحل
تمتاز بعض القرى، التي يعمل فيها برنامج دعم الريف الساحلي، بأنها مناسبة لتربية النحل، لذا يقوم البرنامج بدعم هذه المشروعات عبر تأهيل فنيين شبه محترفين لتدريب أعضاء من المجتمع على تربية النحل وإنتاج العسل، كما يقدم المساعدة في إدارة وجني خلايا النحل. ويُجري برنامج دعم الريف الساحلي تقييمات للسوق، ويتوسط في العقود التي تضمن للقرى سوقاً تنافسية في مجال إنتاج العسل لعدة سنوات.
لحوم الدواجن والماعز
يشجع برنامج دعم الريف الساحلي المجتمعات المحلية على تربية الدواجن الأصلية باعتبارها نشاطاً مدراً للدخل، لذلك حددت 60 منظمة من منظمات التنمية القروية المجتمعات المؤهلة لتنفيذ مشاريع الدواجن. ولضمان نجاح هذه المشاريع، يقوم البرنامج بتدريب مقدمي الرعاية الأولية للحيوانات بهدف دعم المجتمعات المحلية في رعاية دواجنهم، حيث يقوم مقدمي الرعاية بتعليم أعضاء المجتمع المحلي كيفية السيطرة على الأمراض الشائعة التي تصيب الدواجن وطريقة بناء الحظائر، إضافة إلى كيفية خلق الظروف الملائمة لتكاثر الطيور. كما يتعاون أيضاً مقدمو الرعاية مع المجتمعات التي اختارت تربية الماعز كمشروع مربح، وهم يشجعون على تربية الماعز من سلالة "غالا"، باعتبارها أكبر السلالات حجماً وأكثرها تأقلماً مع المناطق ذات المناخ الجاف.
التدريب المهني
يدعم برنامج دعم الريف الساحلي التدريب المهني للشباب في عدة مجالات مثل صناعة الأحذية، ميكانيك السيارات، الحلاقة، النجارة، صناعة الملابس، الإلكترونيات، إنتاج الأغذية، تصفيف الشعر، وإصلاح الهواتف الجوّالة، إضافة إلى رعاية المرضى، تقديم الإسعافات الأولية، الخياطة، وطباعة الصور على الملابس، وذلك بهدف تنويع أنشطة المشاريع وزيادة فرص العمل. كما يشجع برنامج دعم الريف الساحلي الشباب الذين تلقوا التدريب على البدء بمشاريعهم الخاصة، وربطهم بمؤسسات التمويل الصغير والموجّهين للحصول على الدعم.
مشروع سومبيزا لتحسين المياه والصرف الصحي
يهدف "مشروع سومبيزا لتحسين المياه والصرف الصحي" إلى تحسين الوضع الصحي والظروف المعيشية لسكان الريف، وبالأخص النساء والأطفال وذوي الدخل المحدود في المناطق القاحلة وشبه القاحلة في مناطق كينانغو وكالوليني وكيليفي في المقاطعة الساحلية.
وتتوسع خطة "مشروع سومبيزا" عبر تدخلات برنامج دعم الريف الساحلي في قطاع المياه بالتركيز على مياه الاستخدام المنزلي والإنتاجي، إضافة إلى تحسين شبكة الصرف الصحي من حيث البنية التحتية، بهدف تعزيز الصحة والنظافة.
اهتم "مشروع سومبيزا لتحسين المياه والصرف الصحي" بعنصر الصحة البيئية بالتعاون مع قسم صحة المجتمع، وهو أحد مشاريع مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية لبناء قدرة النظم الصحية في كينيا.
يهدف "مشروع سومبيزا" في هذا المجال إلى تصميم وتركيب وضمان الاستخدام الأمثل للبنية التحتية المنزلية لشبكات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى الاستفادة من خزانات المزارع الصغيرة، وأماكن تجمع المياه في المناطق الصخرية، وخزانات تجميع المياه على الأسطحة، وإقامة مراحيض ذات فاعلية جيدة. وبذلك يدعم "مشروع سومبيزا لتحسين المياه والصرف الصحي" قدرة المجتمع على إدارة واستخدام موارد المياه والمساعدة في حشد وتدريب وتمكين المنظمات المحلية في 83 قرية من إدارة وتشغيل وصيانة البنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي.
كما يُشجع "مشروع سومبيزا"، عبر مبادرة الصحة المجتمعية الشاملة، على إجراء تغييرات إيجابية في أسلوب النظافة في المجتمعات والمدارس، حيث تُسهم هذه المبادرة في جعل المجتمعات تُغيّر من الأساليب غير الصحية، مثل الحد من عادة التغوط في العراء عبر إقامة مراحيض من المواد المتاحة محلياً.
تنمية الطفولة المبكرة
أدركت لجنة تنسيق "برنامج دعم الريف الساحلي" عام 2007 أنه لتحسين سبل عيش السكان العام على نحو مستدام ومستمر، لا يمكنها ترك تعليم وتنمية الطفولة المبكرة خارج البرنامج، لذلك دخلت في شراكة فاعلة مع برنامج تعليم الأطفال المهمشين في كينيا، وهو أحد مشاريع مؤسسة الآغا خان الذي يمارس نشاطه في نفس المقاطعات.
يدعم كلا البرنامجين مشاريع تنمية الطفولة المبكرة في كينيا، التي تركز على تحسين البنية التحتية وجودة المناهج وطرق التدريس وبيئات التعلم، إضافة إلى الحصول على الغذاء والرعاية الصحية الأساسية، وضرورة إدارة المجتمعات المحلية للمدارس لما قبل المرحلة الابتدائية. ويتمحور دعم كلاً من برنامجي دعم الريف الساحلي وتعليم الأطفال المهمشين في كينيا على تحقيق أنموذج هذه التنمية المبنية على منهاج مدرسي متكامل، وهو أنموذج يرى أن جودة التعليم تعتمد على مدى مشاركة المجتمع وملكيته للعملية التعليمية.
مشروع تطوير مشاريع الطاقة
يُعتبر مشروع تطوير مشاريع الطاقة أحد القطاعات النشطة في برنامج دعم الريف الساحلي الذي يستهدف الأفراد والمجموعات ممن يملكون إمكانيات القيام بمشروع للطاقة، أو تطوير أحد المشاريع القائمة. ولدعم أولئك الأفراد والمجموعات، يقدّم برنامج دعم الريف الساحلي التدريب في مجال حفظ السجلات، الإدارة المالية، خلق خطط العمل، وتعزيز كافة الروابط مع مقدمي الخدمات.
مراكز المعرفة والموارد المجتمعية
قام برنامج دعم الريف الساحلي بإنشاء أربع لوحات إعلانية ومراكز مجتمعية لتسهيل عملية نشر المعلومات، ولتسهيل وصول تلك المعلومات إلى أكبر شريحة ممكنة، يقوم حالياً برنامج دعم الريف الساحلي بإنشاء مركز المعرفة المجتمعي في مارياكاني، الذي سيحتوي على 15 جهاز كمبيوتر لتكون في خدمة المزارعين للتعرف على أسعار السوق وجهة التمويل، وكذلك لتكون في متناول الشباب ليتعرفوا على مهارات الكمبيوتر، إضافة لتسهيل استخدامها من قبل أعضاء المجتمع للحصول على الوثائق المطلوبة من برنامج دعم الريف الساحلي.
إنتاج المحاصيل
يشجع برنامج دعم الريف الساحلي على تنويع المحاصيل المقاومة للجفاف، والترويج لها على مستوى الأسرة والمجموعة. ومن خلال المدارس الزراعية الميدانية، يتلقى المزارعون التدريب على كيفية إعداد الأرض وزراعة المحاصيل والتخلص من الأعشاب الضارة، إضافة إلى مكافحة الآفات والأمراض وطرق الحصاد والتخزين. كما يشجع البرنامج الأسر على زراعة الخضروات في حدائق المنزل، وفي أماكن تجمّع المياه بهدف إنتاج الغذاء للاستهلاك المنزلي وبيع الفائض في الأسواق.
• تنظيم القرية وتأثيرها: ينتمي ثلث الأسر في 192 قرية إلى منظمات التنمية القروية، ويستفيدون من التدخلات التي يقدمها برنامج دعم المناطق الريفية الساحلية.
• الحفاظ على التربة والمياه: تستخدم ثلاثة أرباع الأسر حالياً طرق المحافظة على المياه وخصوبة التربة.
• الإنتاج الحيواني: نجح أكثر من 40% من المستجيبين لخطط البرنامج في تحسين سلالة الماعز، ما رفع الدخل لثلثيهم.
• مستويات المعيشة: أكدت أكثر من نصف الأسر المستجيبة لخطط البرنامج أن مستوى معيشتهم العام قد تحسّن.