Primary tabs
محرّم علي هو عامل نظافةٍ في إحدى قرى منطقة شرواستي، وقد علم لأول مرة عن جائحة كوفيد-19 (كورونا) عند مشاهدة الأخبار التلفزيونية وقراءة إحدى الصحف في يناير 2020، وقال: "في البداية اعتقدتُ أنه مرضٌ غريبٌ ولن يُصيب أحداً في بلدنا، لكن الفيروس انتشر تدريجياً وبدأ يترك أثره على الناس في بلدنا أيضاً ... وحتى مع تزايد أعداد الإصابة في الهند، اعتقدنا أن الإصابات ستنحصر فقط في المدن الكبيرة".
لكن عندما جاءت تعليماتٌ من مكتب المقاطعة تفيد بأنه يتوجب على إدارة قسم النظافة وعمالها القيام بحملات توعية في المنطقة، فضلاً عن تحفيز الناس على اتخاذ تدابير وقائية، اقتنع محرّم بأن فيروس كورونا يقترب، وقال: "كانت تلك المرة الأولى التي شعرت فيها بأن الخطر يزداد وأن مدننا وقرانا مُعرضةٌ للخطر بنفس القدر".
عندما بدأ العمال المهاجرون في العودة إلى القرى، تم نقل محرّم ليعمل في أحد المراكز التي أُنشئت للعمال، حيث كانت مهمته الأساسية الاهتمام بالمركز وضمان نظافته بشكل عام.
وللتقليل من مخاطر نقل العدوى، توجّب على العمال المكوث في مركز الحجر الصحي لمدة 14 يوماً قبل أن يتمكنوا من دخول القرية وذلك وفقاً للإجراءات الحكومية، وهذا ما جعل محرّم يشعر بالخوف كثيراً. كان يعلم أنه سيكون في الخطوط الأمامية، وقد يتأثر نظراً لوجوده في نفس المنطقة مع أشخاص معرضين لخطر الإصابة بالمرض.
وقال: "لدي ثلاثة أطفال صغار في المنزل، وكنت قلقاً من إمكانية نقل العدوى إليهم نظراً لطبيعة الفيروس، وكنت أعلم أنني في خطرٍ، ولكن توجّب عليّ ضمان سلامة أطفالي."
بعد إجراء تقييمٍ للوضع، ورغم صعوبة الأمر إلا أنه قرر العيش في مكان آخر بعيداً عن منزله بالقرب من مركز الحجر الصحي، فقد "توجّب عليه تغيير عاداته ببطء لأن هذا هو الخيار الأفضل لحماية عائلته".
"الأفضل لحماية عائلتي" يعني أن أمكث في مأوىً مؤقت خارج قريتي نظراً لطبيعة عملي حالياً، حيث يتوجب عليّ في معظم الأيام الذهاب إلى مركز الحجر الصحي ثم العودة إلى مكان السكن المؤقت. محرّم لم يذهب إلى منزله منذ مارس، وهو يفتقد لأطفاله كثيراً، ويقول: "أحياناً أقترب من منزلي وأرى أطفالي من مسافة بعيدة، لكنني لا أسمح لهم بالاقتراب مني."
ويُعرب عن امتنانه للتعاون والدعم والتوجيه الذين تلقاهم من منسق المنطقة ومن فايفك أواسثي من مؤسسة الآغا خان، ويقول:"تلقيت تدريبات على الممارسات الوقائية الأساسية، مثل الخطوات الصحيحة لغسل اليدين بالصابون، وأهمية التباعد الجسدي عن الآخرين، فضلاً عن كيفية التعامل مع النفايات، إضافةً إلى قيام المسؤولين بتوفير معدات الحماية الأساسية والشخصية مثل المطهرات والكمامات وغيرها من أجل تأمين الحماية لنا حتى نبقى آمنين."
ومع تكيّفه مع وضعه الجديد، تفهّمت عائلته وأطفاله الأمر، ورغم القلق الذي انتابه عند بدء عمله في مركز الحجر الصحي، إلا أنه بدأ ينظر إلى تعيينه على أنه فرصةٌ للقيام ببعض الأعمال الجيدة للقرويين ومجتمعه ولا سيّما لتوعية الناس بأهمية النظافة خلال هذه الأوقات، الأمر الذي منحه الشعور بالفخر تجاه عمله ومساهمته في المجتمع.
ويثني على منظمة اليونيسف لما قدمته من تدريبات من خلال ندوةٍ عبر الإنترنت على موقع "يوتيوب" حول جائحة كوفيد-19 (كورونا) والتي أُقيمت خصيصاً لمنطقة شرواستي (حضر تلك التدريبات لأنه لم يكن لديه بريد إلكتروني). في تلك التدريبات، أطلعه فريق اليونيسف على كافة الجوانب الوقائية من الوباء، وما يجب فعله وما لا يجب فعله، إضافةً إلى غسل اليدين بالصابون، وتجهيز المعقمات، وكيف تساهم الرسائل في نشر الوعي. يقول محرّم: "لقد ساعدتني حقاً التدريبات التي قدمتها لي منظمة اليونيسف، وأنا أقوم بتطبيقها يومياً في عملي. أعلم أنني أتحمّل مسؤوليةً كبيرةً بصفتي عضواً في مجموعة موارد المنطقة لضمان سلامة الناس، وإنني ملتزمٌ بالقيام بعملي على أتم وجهٍ وسأواصل القيام بذلك".
يُعد هذا الالتزام الكامل أمراً بديهياً. أصبح كافة العمال المهاجرين، الذين يقيمون في مركز الحجر الصحي الذي يشرف عليه محرّم علي، يعرفون الخطوات الست لغسل اليدين، وهو يؤكد على ضرورة قيام العمال بغسل أيديهم بانتظام.
لدى محرّم رسالةٌ يود أن يوجهها لأولئك الذين يعانون من الإصابة بفيروس كوفيد-19 (كورونا) مفادها: "انهض وقاتل. بالصبر سننتصر في هذه المعركة. يمكننا أن ننتصر على فيروس كوفيد-19 (كورونا) من خلال تبنّي طرق النظافة وترك مسافة آمنة مع الآخرين. وبصفتي مواطناً وموظفاً مسؤولاً في بلدي، فإنني أقاتل من أجل بلدنا ومناطقنا وعائلاتنا، وسأواصل القتال."
وهو يأمل أن ينتهي كل هذا قريباً وأن تعود الأمور إلى طبيعتها، والأهم من ذلك أنه يرغب بالعودة إلى منزله.