Primary tabs
يصف جورجن فان دير تاس تاريخ الحدائق الإسلامية، وما طرأ عليها من تغييرات لتتناسب من الوقت الحالي، فضلاً عن تناوله رحلة صندوق الآغا خان للثقافة التي استغرقت 20 عاماً في إنشاء وترميم حدائق الجنة عبر العالم الإسلامي.
بقلم جورجن فان دير تاس
استمدت حدائق الجنة (الفردوس) اسمها من الكلمة الفارسية القديمة "باري ديز"، وتعني "مُحاطة بسور"، ثم تُرجمت إلى اللغة اليونانية باسم "باراديسوس"، وأصبحت تُعرف باسم "حدائق الجنة"، ففي جوهرها هي عبارة عن ملاذ للنباتات والحيوانات، حيث يقوم البشر باستخدامها والحفاظ عليها. ونظراً للظروف الجافة السائدة في الشرق الأوسط وجنوب أوروبا، فمن الضروري توفر مصدر دائم للمياه لمثل تلك الحدائق.
aktc-afghanistan-babur_2_r.jpg
يرتبط وجود المياه المتدفقة ارتباطاً وثيقاً بوجود حدائق الجنة. إن مفهوم هذه الحدائق كان منتشراً بالفعل في العالم الكلاسيكي، ويتضح ذلك من خلال الفناءات المزودة بالخصائص المائية (نوافير وشلالات) في الفيلات الرومانية الفاخرة، التي بُنيت منذ أكثر من 2000 عام. يُنظر لحدائق الجنة تاريخياً بوصفها حصريةً وخاصةً إلى حد ما، نظراً لمحدودية وصول الجمهور إليها في أحسن الأحوال.
قام صندوق الآغا خان للثقافة بإعادة تأهيل حديقة تشيهيلسيتون، التي تبلغ مساحتها 12.5 هكتاراً، وتُعدُّ أكبر حديقة عامة تاريخية في كابول.
aktc-india-babur_3_redimensionner.jpg
أدت مستويات التطور الكبيرة التي شهدتها تصاميم حدائق الجنة مع مرور الوقت إلى إنشاء شرفات وقنوات مائية على طول المحور المركزي، وبالتالي الاستفادة من التدرجات الطبيعية للحصول على تدفق في المياه. تضمنت الإضافات التي حدثت بمرور الوقت، وخلافاً للأجنحة المصممة لهذا الغرض، ميزةً تُعرف باسم "شادور"، وهو شلال مصنوع من الحجارة المزخرفة الذي ينشر رذاذاً نتيجةً للتدفق السريع للمياه.
ما توفره الحديقة من بيئة هادئة تتميّز بالنظافة والأمان، يقود بسهولة نحو التأمل والشعور بالاسترخاء، وهو ما يشكّل جزءاً أساسياً من نوعية حياتنا، حيث أن الهدف الأساسي الذي وُجدت لأجله الحدائق يتمثل في منح الشعور بالاسترخاء والتأمل.
aktc-egypt-alazhar_5_r.jpg
aktc-egypt-babur_6_r.jpg
خلافاً لما كان يجري في الماضي، حيث كان يُسمح للعامة بالدخول لحدائق الجنة فقط من خلال دعوةٍ خاصةٍ أو في أيام محددة جداً، فإن حديقة الأزهر والمتنزهات الثمانية الأخرى التي أنشأها الصندوق منذ ذلك الحين، لا تفرض أي قيود أو شروط على عدد زوار الحديقة الذين يمكنهم الدخول. استقبالها لأكثر من مليوني زائر سنوياً، كان يشكّل معضلةً كبيرة للقيام بالأعمال في حديقة الأزهر: فالصفاء الذي يجب أن توفره حديقة الجنة يمكن أن يتعرض للخطر نتيجةً للعدد الكبير من الزوار الذين يأتون يومياً. ولهذا، وكحلٍ جزئيٍ لهذه المشكلة، تم تقسيم الحديقة إلى أجزاء صغيرة، ما يساهم باستعادة عنصر الخصوصية. وهذا ينطبق على نحو خاص على أجزاء من الحديقة التي تمتلك أهميةً تاريخيةً قويةً. تُعدُّ قلعة لاهور في باكستان إحدى أحدث المشاريع التي قام بها الصندوق، حيث تم فيها اعتماد هذا النهج. وأُعيد في وقت سابق إنشاء حدائق خاصة ضمن مساحات رباعية الشكل، كان قد أنشأها حكام المغول جزئياً على هذا الشكل (من خلال الاعتماد على فكرة التقسيمات في النقاط الحساسة)، وفيما يتعلق بالمضمون (من خلال تنظيم وإدارة عدد الزوار على نحو يمكن التحكم به).
جذبت الحدائق التسعة التي أنجزها صندوق الآغا خان للثقافة (بعد الانتهاء من أعمال الإنشاء والترميم) منذ عام 2005 أكثر من 50 مليون زائر على مدار السنوات الـ 13 الماضية، وهذا بمثابة دليل على أن فكرة حدائق الجنة في سياق اليوم لا تزال تحتفظ بمهمتها. ومن المتوقع حدوث زيادة في أعداد الزائرين عند إنشاء المزيد من الحدائق، ولهذا من الضروري الحفاظ على المبادئ التي تم من خلالها بناء حدائق الجنة وتشغيلها لتستمر في أداء مهمتها في المستقبل.
لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على حدائق الجنة في أقصى الشمال من حديقة الآغا خان في إدمونتون، كندا.
فيديو يستعرض العديد من الحدائق التي قامت بها شبكة الآغا خان للتنمية
هذا المقالة مقتبسة من مقال نُشر أصلاً على موقع مؤسسة الآغا خان في المملكة المتحدة.