تُعتبر تربية الماشية بالنسبة للمزارعين مصدراً حيوياً للدخل في جمهورية قيرغيزستان. زاد عدد الماشية في البلاد بنسبة 60% على مدى السنوات العشرين الماضية، وقد أدى ذلك إلى تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمزارعين وأُسرهم، إلا أن النمو الحاد ساهم أيضاً بتدهور المراعي، ما أثّر على استدامتها.
وفي معرض تعليقه، قال كوبانيش تورغانالييف، أحد مُربّي الماشية من قرية غولشو في إقليم أوش: "تتزايد أعداد الماشية سنوياً لكن المراعي غير كافية لاستيعابها، فضلاً عن أن الكثير من المراعي التي اعتدت رؤيتها عندما كنت طفلاً قد تدهورت نتيجةً للرعي الجائر. لهذا إذا لم نبدأ بالتركيز أكثر على نوعية الثروة الحيوانية بدلاً من عددها، فإننا سنواجه خطر فقدان مراعينا".
بتمويل من حكومة سويسرا، تتعاون مؤسسة الآغا خان ومنظمة "هيلفيتاس" (HELVETAS منظمة تنموية سويسرية مستقلة تعمل على بناء وتعزيز القدرات في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية) مع المجتمعات الزراعية في منطقتي "ألاي" و"تشون ألاي" في جمهورية قيرغيزستان من خلال مشروع "باي ألاي" لمساعدة المزارعين على الانتقال لتربية عدد أقل من الأبقار ولكن ذات جودة عالية. يوفر المشروع الوصول إلى خدمات التلقيح الطبيعي والاصطناعي، ما يمكّن المزارعين من إنتاج "أبقار نصف سلالة"، والتي تمتلك قيمة نقدية أعلى ويمكنها أن تنتج حليباً أكثر من السلالات المحلية، ما يعزز بدوره فرص تحقيق المزيد من الدخل.
akf-kyrgyz-republic-livestock_2.jpg
بدأ كوبانيش في عام 2016 البحث عن طرق تهدف للتقليل من أعداد الماشية لديه مع التركيز على تحسين سلالتها. عندما عمل مع أحد أقاربه في منطقة أخرى، شاهد كوبانيش لأول مرة فوائد تهجين الأبقار في عام 2018، وقد علم أن قريبه استخدم التلقيح الاصطناعي، الأمر الذي حفّزه على استكشاف مدى توفر هذه الخدمة في مسقط رأسه في منطقة "ألاي" الجبلية.
التقى كوبانيش بـ بازارباي بيغماتوف، وهو طبيب بيطري يعمل في مشروع "باي ألاي"، حيث طلب منه تلقيح إحدى أبقاره الأربعة بشكل اصطناعي. ورغم الشكوك التي انتابته حول طريقة التكاثر الجديدة هذه، إلا أنها تبددت عندما ولدت بقرته بعد ذلك بعام عجل "أبردين أنجوس" نصف سلالة. لهذا تعاون كوبانيش في العام التالي مع مشروع "باي ألاي" لإنتاج ثلاثة عجول أخرى نصف سلالة.
وأشار قائلاً: "أمتلك حالياً أربع بقرات في مزرعتي، وإذا احتفظت ببقرتين نقيّتين أو نصف سلالة بدلاً من أربعة، فإن تكاليف الرعاية ستنخفض إلى النصف تقريباً، كما أن الفوائد ستكون مشابهة للاحتفاظ بأربع بقرات".
من جانبها، شعرت ماماتوفا غولبارا، زوجة كوبانيش، بالسعادة لما توصلا إليه من نتائج جيدة، وقالت: "قمنا في العام الماضي ببيع عجل من سلالة "سيمنتال" يبلغ من العمر عاماً واحداً وهو من نصف السلالة بضعف سعر السلالات المحلية. لدينا الآن بقرة بنية نصف سلالة تبلغ من العمر عامين وستكون قادرة على إنتاج 18 لتراً من الحليب يومياً عندما تبدأ بإنتاج الحليب، على عكس متوسط سبعة أو ثمانية لترات التي تنتجها السلالات المحلية. كما أنها عندما تنجب، ستزيد مبيعات الحليب من دخلنا".
وفقاً للبيانات التي تم جمعها بواسطة مشروع "باي ألاي"، تزن العجول نصف السلالة وسطياً 90 كغ، أي أكثر من العجول المحلية، ما سيزيد بشكل كبير من سعر بيعها. كانت تكلفة نصف السلالات في أسواق الماشية المحلية في جمهورية قيرغيزستان حوالي 600 دولار أمريكي وتكلفة العجول المحلية حوالي 400 دولار أمريكي في منتصف عام 2021.
يتمثل هدف مشروع "باي ألاي" في النهاية بالحد من الفقر في منطقتي "ألاي" و"تشون ألاي" من خلال زيادة الدخل وتوفير فرص العمل، ولا سيّما عند النساء والشباب، فضلاً عن مساهمة المشروع بتسهيل الوصول لخدمات التلقيح، التي تُعتبر إحدى الجهود التي يبذلها المشروع الذي تمكن منذ إطلاقه في عام 2013 بالوصول إلى أكثر من 14 ألف من مربي الماشية في المناطق الجنوبية الجبلية النائية بجمهورية قيرغيزستان.
لمعرفة المزيد عن مشروع "باي ألاي"، يرجى مشاهدة هذا الفيديو:
تقوم حكومة سويسرا من خلال الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC) بتمويل مشروع "باي ألاي"، والذي تنفذه منظمة هيلفيتاس ومؤسسة الآغا خان، من خلال فرعها التابع لبرنامج دعم تنمية المجتمعات الجبلية (MSDSP). يشكل هذا المشروع جزءاً من أعمال تطوير المشاريع الأوسع نطاقاً لمؤسسة الآغا خان في آسيا الوسطى لدعم المزارعين والمنتجين وأصحاب المشاريع الصغيرة لتعزيز سلاسل القيمة الخاصة بهم وإيجاد حلول دائمة للتحديات المحلية.