تقع قرية إمبيف الصغيرة في أعالي جبال منطقة سوغد في طاجيكستان على ارتفاع يزيد عن 2000 متر فوق مستوى سطح البحر، وهي تتميّز بمناخ بارد وجاف، وتعاني من نقص في الأراضي الصالحة للزراعة، ما يجعل زراعة المحاصيل تشكّل تحدياً مستمراً للسكان المحليين، الذين يعتمد الكثير منهم على الزراعة كمصدر للدخل وتأمين الغذاء.
يهتم المزارعون المحليون بشكل أساسي بزراعة البطاطا وتربية الماشية، ورغم محدودية الأراضي الصالحة للزراعة، إلا أنه من الضروري زراعة محاصيل جيدة النوعية تحقق لهم عائدات كبيرة.
من جانبه، قال عبد الصمد، أحد القرويين المحليين واصفاً المشكلة: "نظراً لأن قريتنا تفتقر للأراضي (11 هكتاراً فقط من الأراضي الصالحة للزراعة، منها 10 هكتارات لزراعة البطاطا)، فإننا نزرع البطاطا سنوياً لتلبية احتياجاتنا الغذائية، ولكن نقص بذور البطاطا ذات النوعية الجيدة أدى لتراجع المحصول في السنوات الأخيرة".
يتطلب محصول البطاطا قدراً كبيراً من العمالة، وثمة حاجة لتوفير كمية كبيرة من أجل تأمين الغذاء لسكان القرية، إضافةً إلى ضرورة الاحتفاظ بجزء من المحصول جانباً لإعادة زراعته في الموسم التالي. يحتاج عبد الصمد إلى 1500 كغ من البطاطا سنوياً لإطعام أسرته، فضلاً عن ضرورة الحصول على المزيد لإعادة زراعته وبيعه، إلا أن السنوات القليلة الماضية لم تشهد تضاؤلاً في محصول البطاطا فحسب، بل وتدهورت جودته أيضاً، ما دفع بعض "المزارعين للتخلي عن زراعة البطاطا نتيجةً لنقص بذور البطاطا الجيدة".
تعمل مؤسسة الآغا خان مع شركائها، مثل جمعية "ساروب" التعاونية غير الربحية، ومنظمة "أكتد" للتنمية المستدامة والشاملة، ومنظمة كامب كوهستون غير الحكومية (والتي تهتم بمجالات الزراعة والطاقة والبيئة وإدارة الموارد الطبيعية والأراضي)، فضلاً عن برنامج دعم تنمية المجتمعات الجبلية لتنفيذ برنامج ممول من الاتحاد الأوروبي ويهدف لمساعدة المزارعين على تحسين نوعية محاصيلهم، وبالتالي تزويد أُسرهم بأمن غذائي أكبر وأنظمة غذائية أكثر تغذية، إضافةً لحماية سبل عيشهم.
يقدم برنامج "تحسين سبل العيش والأمن الغذائي من خلال الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية" الدعم لـ 15 مزارع لتأسيس مجموعة محلية من المنتجين الزراعيين، بالإضافة لإنشاء صندوق متجدد للمدخلات الزراعية. تم استخدام بعض أموال البرنامج لتوفير أنواع مختلفة من بذور البطاطا، مثل "بيغ روز" (وينتج هذا الصنف درنات كبيرة ذات عائد تسويقي مرتفع، ما يجعلها مناسبة جداً للأسواق المحلية)، في الصندوق المتجدد للمدخلات الزراعية، مع فكرة أنه بمجرد قيام الأعضاء بتحسين محاصيلهم، سيتمكنون من إعادة بذور البطاطا إلى الصندوق المتجدد للمدخلات الزراعية بعد الحصاد، وبهذه الطريقة يتم تقديم المساعدة للمزارعين الآخرين. بالإضافة إلى توظيف الأموال لإجراء دورات تدريبية حول الأساليب الحديثة لتخزين البطاطا، فضلاً عن طرق الوقاية من الأمراض.
هذا ونمت بذور البطاطا من نوع "بيغ روز" على نحو جيد في منطقة سوغد. في الماضي، عندما كان المحصول جيداً، كان يتم إنتاج حوالي 2.2 طن من البطاطا لكل دونم، ومع زراعة الصنف الجديد، تمكّن عبد الصمد من حصاد 5.3 طن في السنة الأولى من الحصاد، أي ضعف محصوله وبنوعية أفضل. استطاع من خلال هذا المحصول الوافر من سداد 800 كغ من بذور البطاطا للصندوق المتجدد للمدخلات الزراعية، والتي قام الصندوق بتوزيعها على أربعة مزارعين آخرين.
tajikistan_akf_36206343964_119e6560ed_o.jpg
بدورها، شاركت حليموفا جوماغول، إحدى سكان قرية إمبيف، تجربتها حول المساعدة التي حصلت عليها من الصندوق المتجدد للمدخلات الزراعية، وقالت:
"نتيجةً لانخفاض محصول البطاطا في عام 2016، نَفِذَ مخزون عائلتنا في الشتاء، ولهذا السبب اضطر زوجي إلى الهجرة إلى روسيا للعمل. لكن في ربيع عام 2018 تلقيت 200 كغ من بذور البطاطا من نوع "بيغ روز" من الصندوق المتجدد للمدخلات الزراعية، حيث قمت بزراعة نصف دونم وبلغ المحصول 3.2 طن، ما مكّنني من إعادة 400 كغ من البذور إلى الصندوق".
يُعتقد أن محصول البطاطا سيزداد خلال السنوات المقبلة نظراً لتكيّف البذور بشكل أفضل مع الظروف المناخية في المنطقة، والنتائج مُبشّرة للغاية حتى الآن. تشير الجهود التي يقوم بها الصندوق المتجدد للمدخلات الزراعية أنه من خلال مدخلات أولية صغيرة فقط، سيتمكن الكثير من المزارعين من زراعة البطاطا ذات الجودة الأفضل في المستقبل، فضلاً عن إطعام أُسرهم وتحسين سبل عيشهم، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم.
يُذكر أنه منذ يونيو 2016، قدّم برنامج "تحسين سبل العيش والأمن الغذائي من خلال الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية" المساعدة بشكل مباشر لأكثر من 800 مزارع ممن يزرعون أشجار الفاكهة وبذور البطاطا والخضروات ويهتمون بمنتجات الألبان وزراعة وردة المسك، إضافةً لأمور أخرى. هذا وامتدت الأنشطة أيضاً إلى أكثر من 10 آلاف مستفيد قاموا بتحسين معرفتهم ومهاراتهم بتقنيات استخدام الأراضي الزراعية وأصبحوا مشاركين في الصندوق المتجدد لبذور البطاطا.
اقتُبس هذا النص من مقال نُشر على موقع مؤسسة الآغا خان في المملكة المتحدة.