تتعاون وكالة الآغا خان للسكن مع جامعة هارفارد من أجل التخطيط التشاركي، الذي من شأنه تحسين نوعية حياة المجتمعات المستهدفة.
وفقاً للأمم المتحدة، يعيش ما يقرب من نصف سكان المناطق الحضرية في العالم في مدن وبلدات يقل عدد سكانها عن 500 ألف نسمة، وتشهد كثير من تلك المستوطنات الصغيرة نمواً سريعاً، لهذا أصبحت الإدارة الناجحة لتلك "البلدات الصغيرة" ذات أهمية حاسمة على نحوٍ متزايد لما لها من تأثير على نوعية حياة الكثير من سكان العالم وتحقيق التنمية المستدامة.
ورغم ذلك، غالباً ما تعاني البلدات الصغيرة والمجتمعات المهمّشة من التجاهل، فضلاً عن افتقارها للموارد أو القدرة على إجراء تخطيط فعال للمناطق الحضرية والريفية. يُعد التخطيط أداةً رئيسيةً لتحقيق هذه المهمة، وهو ذو أهمية بالغة لفهم احتياجات المجتمع وتطلعاته ومخاطره ومساعدته على الاستعداد والبناء من أجل مستقبل أفضل. ولمعالجة تلك الثغرات، طوّرت وكالة الآغا خان للسكن إطار عمل لتخطيط المساكن، والذي يعتمد على مناهج التخطيط للمناطق الحضرية والريفية التشاركية لتوفير حلول تتعلق بالتصميم على المدى الطويل بهدف تحسين نوعية الحياة في المجتمعات المستهدفة، بدءاً من الحي وصولاً لكامل القرى والمناطق. وبناءً على هذا الإطار، تختبر وكالة الآغا خان للسكن بالتعاون مع "معهد لاكشمي ميتال والأسرة جنوب آسيا" التابع لجامعة هارفارد وكلية الدراسات العليا للتصميم طريقةً مبتكرةً لأستوديو التصميم الافتراضي لإجراء التخطيط عن بُعد في إيشكاشيم، أفغانستان.
akah-afghanistan-ishkashim_56r.jpg
يُشرك أستوديو التصميم الافتراضي، الذي يُدرَّس منهاجه في كلية الدراسات العليا للتصميم بجامعة هارفارد ويسمى: "المناطق ذات الكثافة السكانية العالية (7): تخيُّل مستقبل حضري لإيشكاشيم"، طلاب الدراسات العليا بجامعة هارفارد للعمل مع وكالة الآغا خان للسكن وشركاء محليين آخرين للوصول إلى فهم جيدٍ، فضلاً عن تحديد رؤيةٍ حضريةٍ لإيشكاشيم تستجيب لسياقها وللمخاطر والفرص المناخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها. يتمثل الهدف من الشراكة في اختبار وتطوير مناهج للتخطيط الافتراضي في إطار عمل تخطيط المساكن التابعة لوكالة الآغا خان للسكن. وبهذه الطريقة، لن توسّع وكالة الآغا خان للسكن من الوصول إلى الخبرة في مجال التخطيط فحسب، بل وستعمل كذلك الأمر على توسيع مجموعة أدواتها المتعلقة بتخطيط المساكن، التي من شأنها معالجة المشكلات التي تواجهها المجتمعات المهمّشة وبعض المستوطنات التي تتجاوز السياقات التقليدية في التخطيط الحضري. تطمح وكالة الآغا خان للسكن من خلال مثل هذه المبادرات إلى إتاحة أساليب التخطيط والمعرفة أمام المجتمعات المتنوعة، التي تقدم لها الخدمات من أجل تحسين البيئات المادية والنهوض بمستوى حياتها.
akah-afghanistan-ishkashim_10r.jpg
يعتبر هذا المشروع جزءاً من تعاون أوسع بين وكالة الآغا خان للسكن مع المؤسسات الأكاديمية الرائدة والشركات المعمارية لتطبيق وتكييف ممارسات تخطيط المساكن في المناطق الحضرية والريفية مع مجموعة من المقاييس المتعلقة بالمستوطنات في البلدان النامية. ركزت الاستوديوهات السابقة بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا جهودها على الاهتمام بعدة مناطق في الهند (شيتراواد، غوجارات)، فضلاً عن إجراء تقييم لمخططات التنمية في القرى، إضافةً إلى مناطق في طاجيكستان مثل (باسيد، إقليم غورنو باداخشان ذاتي الحكم، بالتعاون مع مؤسسة كينيدي أند فيوليتش للهندسة المعمارية المحدودة ، والتي تم اختيارها في معرض بينالي فينسيا لعام 2021)، إلى جانب تقييم التخطيط في مجال النقل باستخدام الخرائط ثلاثية الأبعاد، وصور الطائرات بدون طيار. ورغم أن الاستوديوهات انتهجت سابقاً في عملها القيام بجولات ميدانية مكثفة، إلا أن جائحة كورونا العالمية أجبرتها هذا العام على إتباع نهج افتراضي داخل الأستوديو، ما خلق فرصة للتركيز على موقع يشهد الكثير من التحديات، واختبار نهج بعيد يتعلق بتخطيط المساكن.
ومن خلال التعاون مع وزارة التخطيط الحضري في أفغانستان، يجلب الأستوديو أفضل الممارسات ووجهات النظر على المستوى الوطني والدولي، والتي تتعلق بالتخطيط الحضري لإحدى المناطق النائية في أفغانستان مع تميّزها بالحيوية، فضلاً عن تعزيز التبادل الفكري للوصول إلى معرفة تامة بالتخطيط الحضري، ولا سيّما ما يتعلق بالمستوطنات الأصغر. إضافةً لذلك، يعمل الأستوديو على دمج تطلعات الحكومة المتعلقة بالبنية التحتية الحيوية مثل أماكن سكن الطلاب والمرافق الرياضية المشتركة والمطار، إلى جانب السعي لإيجاد حلول لمعالجة الأخطار البيئية، وربط القرى مع بعضها البعض، وتوفير المياه بشكل مستدام.
يمزج الأستوديو بين الممارسات الدولية والمحلية لتطوير سياق مناسب ونهج افتراضي للتخطيط، في حين يقوم الطلاب بإجراء أبحاث عن المدن النموذجية وأنظمة المقاومة والمرونة، فضلاً عن القيام بمجموعة من التحليلات بدءاً من الإثنوغرافيا المكانية (عادات وثقافات الشعوب) وصولاً لوضع خرائط للممرات الحساسة وشبكات النقل وأحواض المياه. توّفر وكالة الآغا خان للسكن في أفغانستان الوصول إلى أصحاب المصلحة وإلى البيانات على الأرض، إضافةً إلى الخبرة الفنية في مجال الأبنية التي تتسم بالمقاومة والمرونة، والمواد المحلية وتخطيط المساكن وممارسات البناء المحلية. وبهدف توفير سياق محلي إضافي وتعزيز تبادل المعرفة، يتم إجراء لقاءات بين طلاب جامعة هارفارد مع طلاب كلية الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري بجامعة كابول بهدف تبادل المعرفة، حيث قال أحمد إرشان قيام، أحد طلاب كلية الهندسة المعمارية بجامعة كابول، الذي عمل إلى جانب أحد طلاب كلية الدراسات العليا للتصميم، والذي يقوم بإجراء دراسة إثنوغرافية عن إيشكاشيم: "شكّل نظام التعاون بين الأصدقاء وتبادل المعرفة فائدةً لكلا الجانبين، فقد ساعد في توسيع آفاقي وتحويل الصعوبات التي واجهتني لفرصة". يُذكر أنه من بين الشركاء المحليين الآخرين: وزارة التنمية العمرانية والأراضي، ومديرية التنمية العمرانية والأراضي في باداخشان، وبلدية إيشكاشيم، ومحافظ إيشكاشيم.
إلى ذلك، قالت شارلوت مالتير بارثس، الأستاذة المساعدة في التصميم الحضري في كلية الدراسات العليا للتصميم بجامعة هارفارد والمُدرّسة المشاركة في الأستوديو: "تم تضمين الدورة في تقدير هندسة العمارة التي تولي اهتماماً لعنصر المقاومة والمرونة وممارسات التخطيط في المنطقة، مثل مساكن نورستاني التي تتسم بالمقاومة والمرونة تجاه الزلازل، فضلاً عن أنماط الحياة البدوية التي تستجيب لتناقص الموارد، أو حتى الاهتمام بإقامة البساتين المغلقة (تشبه البيوت البلاستيكية) التي تشكّل حلولاً مناخيةً ذكيةً. وبعيداً عن تجميل الظروف الحالية القاسية والتخفيف من وطأتها، تسلّط هذه الممارسات الجيدة الضوء على أفغانستان بطريقة تجبرنا على مناقشة ما تعنيه عملية "التنمية" حقاً، ولمصلحة من يتم القيام بها، ومن يقوم بتنفيذ خطوات التقدم، فضلاً عن دورنا كمصممين في هذه العمليات".
akah-afghanistan-ishkashim_45r.jpg
ولمزيد من المعلومات حول الأستوديو، والاطلاع على المقابلة مع الأستاذ المساعد البروفيسور راهول ميهروترا، يرجى النقر هنا.