بيان سمو الآغا خان خلال فعاليات مؤتمر جنيف الوزاري حول أفغانستان لعام 2020 ألقته نيابةً عنه السيدة شهرزاد هرجي، الممثلة الدبلوماسية لشبكة الآغا خان للتنمية في أفغانستان
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السعادة،
سيداتي وسادتي،
أوجه الشكر لحكومتي أفغانستان وفنلندا والأمم المتحدة على دعوة المجتمع الدولي لعقد اجتماع في هذه اللحظة المميزة لأفغانستان وشعبها.
ننضم جميعاً اليوم لحضور الاجتماع ويملؤنا أملٌ أكثر من أي وقت مضى في أن السلام يلوح في الأفق القريب، لكننا ندرك جميعاً أيضاً أن هذه المرحلة تشكّل لحظة حساسة في تاريخ أفغانستان.
بعد ما يقرب من عقدين من العمل معاً، يتوجب علينا جميعاً بذل قصارى جهدنا للمساعدة في اغتنام هذه الفرصة، وهنا من خلال الإمامة الإسماعيلية وشبكة الآغا خان للتنمية نجدد تأكيدنا الدائم على تقديم الدعم لأفغانستان وتحقيق السلام والتعددية فيها.
تتمثل إحدى الدروس التي تعلمتها شبكة الآغا خان للتنمية خلال عملها على الصعيد العالمي في أن التنوع والتعددية بالنسبة لنا أمران أساسيان، فقد كان يُنظر تقليدياً للاختلافات بوصفها عامل انقسام، ولكننا نعلم أنها يمكن أن تكون أيضاً مصدراً للقوة الإيجابية. بصفتي رئيس المركز العالمي للتعددية، الذي تأسس بالشراكة مع حكومة كندا، أعتقد اعتقاداً راسخاً أن دعم المركز يمكن أن يكون ذو قيمة كبيرة لجميع أصحاب المصلحة، حيث يناقش الأفغان كيفية إنشاء سلام دائم وراسخ، يحترم جميع الآراء ووجهات النظر، فضلاً عن الاعتراف بالتنوع الثري واحترامه وتقديره في أفغانستان. وإنني أعلم أن المركز على استعداد لتقديم الدعم لكافة الأطراف لتحقيق هذا الهدف.
مع دخول البلاد في فترة انتقالية جديدة، فهي بحاجة لمساهمة جميع أبنائها، رجالاً ونساء وفي كل جزء من البلاد لمواجهة التحديات المشتركة، والتي تتمثل في زيادة نسبة الفقر، والاضطرابات الحاصلة جراء التغيّرات المناخية، فضلاً عن انتشار جائحة كورونا التي لا ترحم أحداً. ستحتاج البلاد لجميع إمكانات ومواهب أبنائها لبناء مستقبل شامل تتوفر فيه المزيد من الفرص، والمزيد من التعليم والمعرفة، إضافةً للمزيد من المبادرات الخاصة. ولتنفيذ هذه المساعي، فإن شبكة الآغا خان للتنمية ستظل شريكاً ثابتاً.
قبل كل شيء، يجب أن نضمن تنفيذ تعهداتنا المتجددة من خلال تحويل الدعم الذي نقدمه هنا إلى مكاسب ملموسة هناك على مستوى المجتمع، وإننا من خلال تمكين الناس من العمل معاً بشكل هادف وتحقيق نتائج واضحة، سيدرك الأفغان من جميع الخلفيات قوة السلام ومدى تأثيره في تغيير نمط حياتهم.
ولهذا السبب ستحافظ شبكة الآغا خان للتنمية على توسيع نطاق عملها في جميع أنحاء البلاد، إضافةً إلى الاستمرار في التزامنا بتقديم الدعم على نحو كبير لقطاع التعليم في البلاد، حيث قمنا بدعم المعلمين والطلاب، ولا سيّما الفتيات الأفغانيات، في مئات المدارس. ويمتد عملنا لتعزيز النظام الصحي بالتعاون مع شركائنا في باميان وباداخشان، والمعهد الطبي الفرنسي للأمهات والأطفال، حيث تساهم كل وكالة من وكالات شبكة الآغا خان للتنمية بشكل كبير في الاستجابة لجائحة كورونا في أفغانستان. وفي مجال الثقافة، قامت شبكة الآغا خان للتنمية بترميم ما يقرب من 150 موقعاً تراثياً، وهذا يشكّل رمزاً للقوة، التي جاءت نتيجةً لما يربط أفغانستان من علاقات مع بقية دول العالم. يُعد تحويل قلعة "بالا حصار" إلى حديقة أثرية أحد أحدث الأمثلة عن الأعمال التي يتم القيام بها.
يجب أن تترافق كافة تلك الأعمال مع توفير فرص اقتصادية أفضل لجميع الأفغان. وفي هذا الصدد، أصرّت شبكة الآغا خان للتنمية دائماً على أهمية ما يمكن أن تحققه الدول المجاورة لأفغانستان من الازدهار في البلاد. استثمرت شبكة الآغا خان للتنمية في مجال الاتصالات والتعاون الإقليمي لعقود من الزمن، وحققت مكاسب في مجال الطاقة النظيفة والخدمات المالية والبنية التحتية والاتصالات السلكية واللاسلكية، والتي تسهم جميعها في تمكين سبل العيش ودعم وخلق فرص العمل. يسعدنا أنه تم تكليفنا بإنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية ونقلها وإيصالها من خلال شركة "باداخشون للطاقة"، وهي شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص في أفغانستان، وتعمل على تقديم الخدمات لكافة مناطق الإقليم. سنواصل أيضاً تقديم المساعدات لتعزيز القدرات البشرية في جميع أنحاء آسيا الوسطى، والسعي لربط أفغانستان مع الدول من خلال مجالي التعليم والصحة، إضافةً لما تقدمه جامعة الآغا خان وجامعة آسيا الوسطى من خدمات.
خلال السنوات الـ 25 التي قضيناها في أفغانستان، كانت شبكة الآغا خان للتنمية تنتهج في عملها فكرةً أساسيةً مفادها أن مفتاح مستقبل البلاد يكمن في الوصول إلى مجتمع مدني نابض بالحياة، قائم على الجدارة والتعددية على مستوى المؤسسات والشعب الأفغاني على المدى الطويل، ما يساهم ويلعب دوراً في تحقيق الصالح العام.
وختاماً، أود أن أؤكد مجدداً التزامنا بالعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة الأفغانية وجميع شركائنا الدوليين، للوصول إلى أفغانستان مفعمة بالحيوية ويسودها السلام والتنوع.
شكراً جزيلاً لكم