تُعد القمم الثلجية لجبال بامير موطناً لنوع من الحيوانات مهدداً بالخطر ومعرضاً للهجوم، فضلاً عن التعامل معه بشكل غير صحيح: فهد الثلج. تعيش هذه القطط الخجولة في المناطق الجبلية الباردة والمرتفعة في 12 دولة في آسيا، ولكنها لا تلقى الترحيب في جبال بامير في إقليم غورنو باداخشان ذاتي الحكم في طاجيكستان نظراً لقيامها بالهجوم على الحيوانات الأليفة في المجتمعات.
رغم شراسة فهود الثلج بوصفها حيوانات لاحمة ومفترسة، إلا أنها غير عدوانية تجاه البشر بشكل عام، ومع ذلك، يستهدفها البشر أحياناً انتقاماً لمهاجمتها الماشية أو من خلال ممارسة رياضة الصيد الجائر أو الاتجار بأعضاء جسدها.
يشكل الصراع بين فهود المناطق الثلجية وبين الإنسان تهديداً خطيراً لبقائها، ولهذا السبب تعمل وكالة الآغا خان للسكن على مساعدة المجتمعات على ضرورة فهم وحماية هذه الحيوانات المهددة بالانقراض.
تؤدي التغيّرات المناخية والأنشطة البشرية مثل إزالة الغابات والرعي الجائر إلى تدهور موطن فهد الثلج وكذلك فرائسها الطبيعية، ونتيجةً لذلك، تتزايد حالات دخول فهود الثلج إلى القرى ومهاجمة الماشية من أجل الحصول على الغذاء، ما يحفّز صراعاً كبيراً بين البشر وفهود الثلج.
تعالج وكالة الآغا خان للسكن هذا الصراع عبر مشروع "حماية أعداد فهد الثلج من خلال الإدارة الفعالة لأماكن السكن"، الذي يموّله صندوق الأمير صدر الدين آغا خان للبيئة. يُذكر أنه بعد إجراء أبحاث مكثّفة، تضمن المشروع ثلاثة مكونات متكاملة تهدف للتقليل من مستوى الصراع في القرى المستهدفة في إقليم غورنو باداخشان ذاتي الحكم: حماية الثروة الحيوانية، وزيادة الوعي المجتمعي حول ضرورة الحفاظ على فهد الثلج، فضلاً عن مبادرات الدعم والحماية على المستوى الوطني.
akah-tajikistan-dji_0011_mowment-r.jpg
تعاونت وكالة الآغا خان للسكن مع أبناء المجتمعات المحلية ضمن إجراء مباشر وفوري لحماية الماشية ولتعزيز بناء حظائر الحيوانات في وديان غوند وروشتقالا، الأمر الذي شأنه حماية الحيوانات الأليفة من هجمات فهد الثلج. بالإضافة لذلك، قدمت وكالة الآغا خان للسكن لأصحاب الماشية شبكات سلكية ودربتهم على كيفية تركيبها لتعزيز حظائر الحيوانات الخاصة بهم، وبالتالي حماية حيواناتهم الأليفة من الهجمات.
وبالتوازي مع ذلك، عملت وكالة الآغا خان للسكن على تعزيز الوعي المجتمعي بضرورة المساهمة في حماية فهد الثلج. كما عملت مع الشركاء لتقديم تعويض للمتضررين من الهجمات للحد من انتقام أصحاب الماشية من فهد الثلج.
من جانبه، قال المزارع سيماكوڤ مامدنسيم: "بالإضافة إلى التحدث إلينا عن سبب الحاجة لإطلاق فهود الثلج، التي يتم صيدها بعد دخولها حظائر الحيوانات، زودنا فريق المشروع أيضاً بشبكة سلكية. وأنا أمتلك حالياً هذه الحظيرة الجديدة للحيوانات، وهي محمية من جميع الجوانب حيث قمت بتثبيت الشبكة السلكية. ورغم أنني لا أمتلك الكثير من الماشية، إلا أنني أعلم أن القليل الذي أملكه محمي من هجمات فهد الثلج".
يوضح مدير مشروع وكالة الآغا خان للسكن، نيكادام نازاروف، أن النهج المتكامل الذي تم إتباعه شكّل الأساس لمعالجة جميع جوانب المشكلة، وقال: "حضر أكثر من 500 من أفراد المجتمع جلسات التوعية الخاصة بنا، إضافةً إلى إنشاء شبكة من المتطوعين عبر تجنيد السكان المحليين من هذه القرى الريفية للإبلاغ بانتظام عن هجمات فهود الثلج على الماشية. وهذا الأمر يتيح لشركائنا في جمعية الصيادين تقديم الاستجابة وبسرعة من خلال تقديم تعويضات للمزارعين الذين فقدوا مواشيهم. تم إمساك فهود الثلج خلال هجماتها على القرى وإعادتها بأمان إلى بيئتها الطبيعية دون أن تتعرض للأذى، ولكن للأسف تم نقل المصابين للمستشفى البيطري في مورغاب لتلقي العلاج".
akah-community_awareness_session-r.jpg
ورغم أن وكالة الآغا خان للسكن قد أحرزت تقدماً كبيراً في تعزيز مستوى الوعي المجتمعي والمشاركة في حماية هذه الأنواع الثمينة، إلا أن هذا الأمر مجرد بداية لنهج أكبر لضمان التغيير المنهجي. ولضمان تحقيق ذلك، تعمل وكالة الآغا خان للسكن على إشراك المزيد من أصحاب المصلحة والشركاء للمساهمة على نطاق أوسع، إضافةً إلى أنها نظمت مؤتمراً في دوشانبي في عام 2019 حضره أكثر من 50 من الخبراء والناشطين من جميع أنحاء البلاد ممن يناصرون ويؤيدون حماية فهود الثلج. استضاف المؤتمر شركاء من مختلف المنظمات للتعاون، إلى جانب إجراء المزيد من الأبحاث حول هذه الأنواع المهددة بالانقراض.
شكّل هذا المؤتمر فرصةً لتعزيز العلاقات مع مؤسسات الدولة وكذلك المنظمات الدولية الأخرى العاملة في مجال حماية فهد الثلج في طاجيكستان، إضافةً إلى أن المؤتمر ساهم بجذب المزيد من الاهتمام إلى المشروع، والذي نجم عنه خطة عمل محدّثة للحفاظ على فهد الثلج وحمايته.
