ألقاها نيابة عن سمو الآغا خان الدكتور عظيم لاخاني، الممثل الدبلوماسي لشبكة الآغا خان للتنمية في كينيا
قصة "رحلة إفريقيا" قصةٌ ملهمة، وإننا نرى من حولنا دائماً شواهد دامغة بأن إفريقيا تمثّل اليوم قارةً للفرص والأمل والثقة.
على الدوام كمُنت قوة إفريقيا في شعوبها. إن صمودهم وإحساسهم العالي بالمجتمع واعتمادهم على الذات، إضافةً إلى ما يتمتعون به من براعة وذكاء في ابتكار حلول جديدة، وغالباً في أصعب الظروف، يشكّل أساس تقدم القارة وسعة آفاقها المستقبلية.
تملك إفريقيا أسرع اقتصادات دول العالم نمواً، ويُتوقع أن يستمر نمو كثير منها بنسبة تزيد عن 5% سنوياً. والقارة تملك كذلك أعداداً متزايدة من الشباب، حيث يشكل من تقل أعمارهم عن 25 عاماً ما نسبته 60% من مجموع السكان، وهي نسبة مثيرة للإعجاب، خصوصاً وأنها تفوق بكثير نظيرتها في الغرب. كما تستعد القارة أيضاً لتوفير سوق جديدة للسلع والخدمات في وقتٍ يتناقص فيه عدد السكان في الغرب. تخيلوا فرص العمل والاستثمار في إفريقيا!
قضيت طفولتي المبكرة في كينيا خلال أربعينيات القرن المنصرم. ومنذ أن أصبحت الإمام الوراثي التاسع والأربعين للمسلمين الشيعة الإسماعيليين عام 1957، تضمّن جزء لا يتجزأ من حياتي اليومية وعملي السعي لتحسين الظروف المعيشية والفرص في البلدان الإفريقية.
اليوم، كلنا منخرطون في إفريقيا، وإننا نشهد روحاً جديدةً وواضحةً من الثقة، وهذا يمثل انعكاساً لجهود الشعوب الإفريقية التي تتجمع داخل حدود القارة وحدود دولها الداخلية في مساعي مدروسة وفعالة لتحسين حياتهم وآفاق بلدانهم أيضاً.
وإنني أُثني على قيادة الرئيس كاغامه ورؤيته الثاقبة لاستضافة هذا المؤتمر، وعلى رؤساء الدول الحاضرين هنا اليوم لالتزامهم بالعمل لمعالجة القضايا والتحديات المركزية التي تواجه عصرنا اليوم.
يسعدني أن مجموعة الإعلام الوطنية، التي أسستها عام 1959، كان لها دور فعال في إطلاق هذا المهرجان ووضع تصور لجدول أعمال قيادته الفكرية، فضلاً عن قيامها بلعب دور كبيرٍ على مدى عقود في الترويج للصحافة المسؤولة وتشجيع المناقشات المدروسة للقضايا والفرص الخاصة بالقارة الإفريقية. وتماشياً مع هذه المهمة، يستضيف هذا المهرجان بعضاً من أفضل مفكّري إفريقيا للمضي قدماً بجدول الأعمال هذا، والأهم من ذلك، تنفيذ العديد من الأفكار والحلول التي سيتم مناقشتها هنا.
كلنا ندرك أنه ثمة الكثير من العمل الذي يتعين علينا جميعاً القيام به.
لدينا فرصة ومسؤولية لتقديم المساعدة للناس والمجتمعات على بناء أسس قوية ومرنة، وضمان التقدم المستدام والتغيير الإيجابي الدائم، فضلاً عن تقديم الدعم للأصوات المفعمة بالأمل من شباب القارة، يمكننا تحقيق ذلك بسهولة عندما تعمل الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني معاً، وذلك لتهيئة بيئة مواتية تُمكّن الناس من القيام بالتخطيط والبناء لمستقبلهم وللأجيال المقبلة من أسرهم.
تعتمد التنمية السليمة على التعلم من الناس على مستوى القاعدة والعمل معهم لمساعدتهم على التعبير عن تطلعاتهم والعمل على تحقيقها. إنها تتطلب الحكم الرشيد وتكوين تقدير أفضل لأهمية التعددية في جميع قطاعات المجتمع. وتحقيقاً لهذه الغاية، تلتزم الإمامة الإسماعيلية وشبكة الآغا خان للتنمية بتوسيع نطاق جهودهما، بالشراكة مع الآخرين، بهدف تحسين نوعية الحياة لجميع سكان إفريقيا.
إنني على ثقة أن إفريقيا ستظل رائدة، خصوصاً في الاستفادة من تجربتها التاريخية في بناء مجتمعات مرنة، تعددية، قوية اقتصادياً، سليمة بيئيّاً ومتجذّرة في القيم الصلبة وفي أسس الدعم المجتمعي، الأمر الذي سيلقى إعجاب المجتمعات الغربية والمجتمعات الأخرى، وسيحاولون محاكاته في السنوات المقبلة. لدى بقية العالم الكثير ليتعلموه من إفريقيا.